فصل: تفسير الحروف المقطّعة بالعقول الإلكترونية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.بحث نفيس في إعجاز الحروف المقطعة:

قال في الأمثل:

.تحقيق في الحروف المقطعة في القرآن:

تسع وعشرون سورة من سور القرآن تبدأ بحروف مقطعة، وهذه الحروف- كما هو واضح من اسمها- لا تشكل كلمة مفهومة.
هذه الحروف من أسرار القرآن، وذكر المفسرون لها تفاسير عديدة، وأضاف لها العلماء المعاصرون تفاسير جديدة من خلال تحقيقاتهم.
جدير بالذّكر أن التاريخ لم يحدثنا أنّ عرب الجاهلية والمشركين عابوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وجود هذه الحروف المقطعة في القرآن. ولم يتخذوا منها وسيلة للطعن والاستهزاء. وهذا يشير إلى أنّهم لم يكونوا جاهلين تمامًا بأسرار وجود الحروف المقطعة.
اخترنا من التفاسير الكثيرة لهذه الحروف، عددًا من التفاسير باعتبار مسنديتها وانسجامها مع آخر الدراسات في هذا المجال. وسنذكر هذه التفاسير بالتدريج في بداية هذه السّورة، وسورة آل عمران، وسورة الأعراف، إن شاء الله. ونبدأ الآن بأهمها:
هذه الحروف إشارة إلى أن هذا الكتاب السماوي، بعظمته وأهميّته التي حيرت فصحاء العرب وغير العرب، وتحدت الجن والإنس في عصر الرسالة وكل العصور، يتكون من نفس الحروف المتيسرة في متناول الجميع.
ومع أنّ القرآن يتكون من هذه الحروف الهجائية والكلمات المتداولة، فإن ما فيه من جمال العبارة وعمق المعنى يجعله ينفذ إلى القلب والروح، ويملأ النفس بالرضا والإعجاب، ويفرض احترامه على الأفكار والعقول.
في القرآن من الفصاحة والبلاغة ما لا يخفى على أحد، وليس هذا مجرّد ادّعاء، فخالق الكون تحدّى بهذا الكتاب جميع الجن والإنس، ليأتوا بمثله {وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهيرًا} (85)، ولكنهم عجزوا جميعًا عن ذلك، وتلك دلالة على أن هذا الكتاب لم يصدر عن فكر بشر.
وكما إن الله تعالى خلق من التراب موجودات، كالإنسان بما فيه من أجهزة معقدة محيّرة، وكأنواع الطيور الجميلة الرائقة، والأحياء المتنوعة، والنباتات والزهور المختلفة، وكما إننا ننتج من هذا التراب نفسه ألوان المصنوعات، كذلك الله سبحانه خلق من هذه الحروف الهجائية المتداولة، موضوعات ومعان سامية، في قوالب لفظية جميلة، وعبارات موزونة، وأسلوب خاص مدهش معجز، وهذه الحروف الهجائية موجودة تحت تصرف الإنسان، لكنه عاجز عن صنع جمل وعبارات شبيهة بالقرآن.
الأدب في العصر الجاهلي:
من المهم أن نذكر هنا أن العصر الجاهلي كان عصرًا ذهبيًا للأدب العربي.
فالوثائق المتوفرة بأيدينا تشير إلى أن العرب الحفاة الجفاة الجاهليين، كانوا يتمتعون بذوق أدبي رفيع. وما وصلنا من شعر ونثر من تلك الفترة، يشير إلى قدرة أُولئك على التعبير الجميل الدقيق، ويحتل ذروة الفصاحة في الأدب العربي.
وكان للأدب سوق رائجة تدلّ على اهتمام العرب بلغتهم وآدابهم، وسوق عكاظ وأمثالها من الأسواق الأدبية تعكس هذا الاهتمام بوضوح.
والسوق المذكور كان يشهد- إضافة إلى المعاملات الاقتصادية والقضايا الاجتماعية- حركة أدبية تعرض خلالها أفضل مقطوعات الشعر والنثر، ويتم فيها انتخاب أفضل ما قيل من النظم خلال العام، والمعلقات السبع أو العشر نموذج لذلك، وكانت القصيدة الفائزة تعدّ فخرًا كبيرًا للشاعر ولقبيلته.
في مثل هذا العصر من الانتعاش الأدبي، يتحدى القرآن النّاس أن يأتوا بمثله، ولكنهم عجزوا.
ثم قال:
وهناك ملاحظة تؤيد ما ذهبنا إليه في تفسير معنى الحروف المقطعة، وهي أن هذه الحروف في السور الأربع والعشرين التي ذكرناها، يتلوها مباشرة ذكر لعظمة القرآن، وهذا يدل على الارتباط بين الحروف المقطعة وعظمة القرآن. وعلى سبيل المثال نذكر الآيات التالية:
1- {الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكيم خَبِير}.
2- {طَس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَاب مُبين}.
3- {الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}.
4- {آلمصَ كِتَابٌ أُنْزِلَ إلَيْكَ}.
بعد البسملة وذكر الآية الأولى من سورة البقرة يقول تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ}. قد يشير هذا التعبير إلى أن الله تعالى وعد نبيّه أن ينزّل عليه كتابًا يهتدي به من طلب الحق، ولا يشك فيه من كان له قلب أو ألقى السمع وهو بصير، وها هو سبحانه قد وفى بوعده الآن.
وقوله: {لاَ رَيْبَ فِيهِ} ليس ادعاءً، بل تقرير لحقيقة قرآنية مشهودة، هي أنّ القرآن يشهد بذاته على حقّانيته. وبعبارة أخرى فإن مظاهر الصدق والعظمة والانسجام والاستحكام وعمق المعاني وحلاوة الألفاظ والعبارات وفصاحتها من الوضوح بدرجة تبعد عنه كلّ شك.
من المشهود أن مرّ العصور وكرّ الدهور لم يقلل من طراوة القرآن، بل إن حقائق القرآن، ازدادت وضوحًا بتطور العلوم وبانكشاف أسرار الكائنات. وكلما يزداد العلم تكاملا ازدادت آيات القرآن جلاء وسطوعًا. اهـ. بتصرف يسير.
وقال في سورة آل عمران:

.تفسير الحروف المقطّعة بالعقول الإلكترونية:

فيما يتعلّق بالحروف المقطّعة في القرآن، سبق الحديث عنها في بداية سورة البقرة، فلا موجب لتكرار ذلك. وما ينبغي عرضه هنا هو النظرية المثيرة التي تقدّم بها مؤخّرًا عالم مصري نورد هنا خلاصة لها لأهميّتها، لا شكّ أنّ الحكم على صحتها أو بطلانها يستلزم بحوثًا دقيقة يقع عبؤها على الأجيال القادمة. إنّما نوردها كنظرية لا غير.
مجلة آخر ساعة المصرية المعروفة نشرت تقريرًا عن تحقيقات عجيبة قام بها عالم مصري مسلم بخصوص تفسير بعض آيات القرآن المجيد بوساطة العقول الإلكترونية أثارت إعجاب الناس في مختلف أنحاء العالم.
تلك التحقيقات التي أجراها الدكتور رشاد خليفة العالم الكيمياويّ المصري خلال ثلاث سنوات متواصلة، أثبتت أنّ هذا الكتاب السماويّ العظيم ليس من نتاج عقل بشري، وأنّ الإنسان غير قادر على الإتيان بمثله.
أجرى الدكتور رشاد تحقيقاته في مدينة سانت لويس بمقاطعة ميسوري الأمريكية واستخدم في تحقيقاته العقول الإلكترونية لفترات طويلة مع أنّ أُجرتها في كلّ دقيقة 10 دولارات تبرّع بها المسلمون المقيمون هناك.
كان كلّ جهد الأستاذ المذكور ينصبّ على معرفة معاني الحروف المقطّعة في القرآن، مثل {ق} {الم} {يس}. لقد استطاع بحسابات معقّدة أن يثبت وجود علاقة قوية بين هذين الحروف والسورة التي تقع في صدرها فتأمّل.
لقد استعان بالعقل الإلكتروني لإجراء تلك الحسابات الخاصّة لمعرفة أعداد حروف السور ونسبة وجود كلّ حرف منها، لا لتفسير القرآن.
ولولا هذه الأجهزة ما استطاع أحد أن يجري تلك الحسابات على الورق.
والآن نوجز الاكتشافات الذي توصّل إليه العالم المصري: يقول الدكتور رشاد: نعلم أنّ القرآن يضمّ 114 سورة، منها 86 سورة نزلت في مكّة و28 سورة في المدينة، ومن بين مجموع سور القرآن 29 سورة تبدأ بحروف مقطعة.
من الجدير بالذكر أنّ مجموع هذه الحروف يبلغ نصف حروف الهجاء العربية، وهي أ- ح- ر- س- ص- ط- ع- ق- ك- ل- م- ن- هـ- ي وقد يصفونها بالحروف النيّرة.
يقول الدكتور: منذ سنوات وأنا أحبّ أن أعرف معنى هذه الحروف التي تبدو في الظاهر أنّها مقطّعة وتتصدّر بعض السور. وعلى الرغم من رجوعي إلى تفاسير مشاهير المفسّرين فلم أعثر لديهم على جواب مقنع، فاستعنت بالله واتّكلت عليه وبدأت بحثي:
خطر لي مرّة أنّه ربما تكون هناك علاقة بين هذه الحروف وحروف كلّ سورة تتصدّرها. غير أنّ دراسة الحروف النيّرة الأربعة عشر كلّها ضمن حروف سور القرآن المائة وأربعة عشر واستخراج نسبة كلّ حرف والحسابات الكثيرة الأُخرى لم تكن من الأُمور التي يمكن إجراؤها دون الاستعانة بالعقول الإلكترونية. لذلك شرعت أوّلًا بتعيين تلك الحروف منفردة في جميع سور القرآن، ثمّ تعيين مجموع حروف كلّ سورة، وأعطيتها جميعًا إلى العقل الإلكتروني مع رقم كلّ سورة لغرض القيام بالحسابات المعقّدة المطلوبة فيما بعد. لقد استغرق هذا العمل مع مقدّماته سنتين من الزمان.
ثمّ عملت على العقل الإلكتروني لإجراء تلك الحسابات مدّة سنة كاملة. كانت النتائج لامعة جدًّا، وكشف الستار لأوّل مرّة في تاريخ الإسلام عن حقائق مذهلة أكّدت إعجاز القرآن إضافة إلى أُمور أُخرى من الناحية الرياضية ونسبة حروف القرآن.
لقد أوضحت لنا حسابات العقل الإلكتروني نسبة وجود كلّ من الحروف الأربعة عشر في كلّ سورة من سور القرآن المائة وأربعة عشر.
فمثلًا بالحسابات وجدنا أن نسبة حرف القاف، وهو أحد الحروف النورانية في القرآن في سورة الفلق تحوز أعلى نسبة 700/6% وتحوز المرتبة الأولى بين سور القرآن، طبعًا بإستثناء سورة {ق}. بعدها تأتي سورة القيامة التي يبلغ فيها عدد حروف القاف بالنسبة إلى حروف السورة 907/3%، ثمّ تأتي سورة {والشمس} ونسبتها 906/3%.
ونلاحظ من ذلك أنّ الفرق بين سورة القيامة وسورة والشمس يبلغ 001/0%.
وهكذا استخرجنا هذه النسبة في 114 سورة لهذا الحرف ولسائر الحروف النورانية الأُخرى، وبذلك ظهرت نسبة مجموعة حروف كلّ سورة إلى كلّ حرف من الحروف النورانية.
وفيما يلي النتائج المثيرة التي توصّل إليها التحقيق:
1- نسبة حرف {ق} في سورة {ق} أكثر من نسبتها في أية سورة أُخرى بدون استثناء. أي أنّ الآيات التي نزلت طوال 23 سنة- وهي فترة نزول القرآن- في 113 سورة استعملت فيها القاف بنسبة أقل، إنّه مثير ومدهش أن يكون إنسان قادر على مراقبة تعداد كلّ حرف من الحروف التي يستعملها على مدى 23 سنة، وفي الوقت نفسه يعرب بكلّ طلاقة وبدون أي تكلّف عمّا يريد بيانه. لا شك أنّ أمرًا كهذا خارج عن نطاق قدرة الإنسان، بل أنّ مجرّد حساب ذلك يتعذّر على أعظم العقول الرياضية بدون الإلتجاء إلى العقل الإلكتروني.
وهذا كلّه يدلّ على أنّ سور القرآن وآياته ليست وحدها الموضوعة وفق حساب معيّن، بل حتّى حروفه موضوعة بحساب ونظام خاصّ لا يقدر عليه سوى الله تعالى.
كذلك دلّت الحسابات على أنّ حرف {ص} في سورة {ص} له هذه الخاصيّة نفسها، أي نسبة وجوده في هذه السورة أكثر من نسبة وجوده في أية سورة أُخرى من سور القرآن.
كما أنّ حرف {ن} في سورة {ن والقلم} يمتاز بنسبة أعلى من وجوده في أية سورة أُخرى.
الإستثناء الوحيد هو سورة الحجر التي فيها نسبة الحرف {ن} أكثر من سورة {ن والقلم}. ولكن ما يلفت هو أنّ سورة الحجر تبدأ بالحروف {الر}.
وسنجد أنّ السور التي تبدأ بحروف {الر} يجب أن تعتبر بحكم السورة الواحدة. فإذا فعلنا ذلك نصل إلى النتيجة المطلوبة أي أنّ عدد حرف {ن} في هذه السور سوف يكون أقلّ مما في سورة {ن والقلم}.
2- حروف {المص} في بداية سورة الأعراف إذا حسبنا حروف الألف والميم والصاد في هذه السورة نجدها أكثر ممّا هي في أية سورة أُخرى.
كذلك {المر} في بداية سورة الرعد.
و{كهيعص} في بداية سورة مريم، إذا حسبت الأحرف الخمس كان عددها في هذه السورة أكثر ممّا هي في السور الأخرى.
وهنا تواجهنا ظاهرة جديدة، فالحرف الواحد ليس هو وحده الذي يرد بحساب في السور، بل أنّ مجموعات الأحرف أيضًا تأتي هكذا بشكل مدهش.
3- كان الكلام حتّى الآن يدور على الحروف التي تتصدّر سورة واحدة من سورة القرآن، أمّا الحروف التي تتصدّر سورًا متكرّرة، مثل {الر} {الم} فإنّها تتّخذ شكلًا آخر، فالحسابات الإلكترونية تقول إنّ مجموع هذه الحروف الثلاث، مثلًا {الم} إذا حسبت في مجموع السور التي تتصدّرها، وتستخرج نسبتها إلى مجموع حروف هذه السور، نجد أنّ هذه النسبة أكبر من نسبة وجودها في السور الأُخرى من القرآن.
هنا أيضًا تتّخذ المسألة شكلًا مثيرًا وهو أنّ حروف كلّ سورة من سور القرآن ليست هي وحدها التي تقع تحت الضبط والحساب. بل أنّ مجموع حروف السور المتشابهة تقع تحت حساب متشابه أيضًا.
وبهذه المناسبة يتّضح أيضًا لماذا تبدأ عدّة سور مختلفة بالحروف {الم} أو {الر} وهذا لم يكن من باب المصادفة والاتّفاق.
يقوم الدكتور رشاد بحسابات أعقد على السور التي تتصدّرها {حم} لا نتطرّق إليها إختصارًا.
ويصل الأستاذ المذكور من خلال دراساته هذه إلى حقائق واستنتاجات أُخرى أيضًا نوردها للقرّاء الكرام:
1- لابدّ من الإبقاء على إملاء القرآن الأصلي:
يقول الدكتور: إنّ هذه الحسابات تصحّ في حالة الإبقاء على الإملاء الأصلي في كتابة القرآن، مثل: إسحاق وزكوة وصلوة، فلا نكتبها إسحاق وزكاة وصلاة، وإلاَّ فإنّ الحسابات تختل.
2- دليل على عدم تحريف القرآن:
هذه التحقيقات تدلّ على أنّ أيّ تحريف- ولو في كلمة واحدة- لم يطرأ على القرآن من حيث الزيادة والنقصان، وإلاَّ لما ظهرت هذه الحسابات على هذه الصورة.
3- إشارات عميقة المعنى:
في كثير من السور التي تبدأ بالحروف المقطّعة نلاحظ أنّه بعد الحروف تأتي الإشارة إلى صدق القرآن وعظمته، مثل: {الم ذلك الكتاب لا ريب فيه} وهذا في نفسه إشارة ظريفة إلى علاقة هذه الحروف بإعجاز القرآن.